بقلم ،، محمد مهدى عبد النبى
وسيط مالى معتمد بالبورصة المصرية
قدمت ” جيتا جوبيناث ” النائبة الأولى لمديرة صندوق النقد الدولي خلال اجتماعات الربيع 2024 نصف إجابة صحيحة لتوصيف أهم ما يحدث فى الاقتصاد الأمريكى ، حيث انتقدت بلطف العجز المرتفع و المتسع فى الميزانية الأمريكية حين رأت فيه مزايا تحفيزية للنمو والطلب الداخلى فى الولايات المتحدة والعالم ككل … قبل أن تصارح ” جيتا ” الجميع بأن هذا العجز متوقع أن يستمر بحدة إلى نحو 7.06% من الناتج الاجمالى الامريكى فى عام 2025 و هو ضعف ما كان عليه قبل عشر سنوات بالضبط .
إذن الاقتصاد العالمي أمام معادلة صعبة جدا يتم الترويج لها أمريكيا بقوة مفادها ” تحملوا قادم عجزنا حتى لا يتراجع نموكم ” ، وذلك فى ظل بيئة خصبة بامتياز لتفاقم عجز ميزانية الاقتصاد الأول عالميا من ديون قياسية و فوائد مرتفعة و تضخم و دولار يستعدان لفرد عضلاتهما أكثر فأكثر ، ولعل أهم دلائل ذلك قيمة الطروحات الأعلى تاريخيا للسندات الأمريكية بنحو 7.2 تريليون دولار خلال الربع الأول فقط من 2024 ، و تغير نغمة أهل الفيدرالى حول خفض الفائدة خلال العام الجاري الى الإشارات المتصاعدة بتأجيلها لمارس 2025.
ملحوظة … لاشك أن أسواق العالم تحديدا مجبرة على القبول بتلك المعادلة المجحفة فى ظل الغلبة الأمريكية المطلقة على 76% من الإنتاج الإعلامي عالميا و 45% من أصل 101.5 تريليون دولار كقيمة سوقية للأسهم عالميا العام الماضي.
أمام تلك المعطيات يتكثف ضباب عدم اليقين فوق الأسواق المالية التى تقاوم حتى الآن تصحيحات هبوطية مرتقبة من قمم فقاعية تحققت فى عز حفلات التضخم و ألاعيب البيانات المالية و التقلبات الجيوسياسية المفتوحة على مجاهيل كثيرة ، حتى جاءت أهم إشارات ” اللا يقين ” تلك منتصف الأسبوع الماضى من تايوان حيث القوائم المالية الربعية لعملاق أشباه الموصلات شركة TSMC التى سجلت مبيعاتها نموا بنحو 16% بمقارنة نتائج الربع الأول من 2024 بنظيره فى 2023 ، و لكن الأهم عند مقارنة نتائج الربع الأول من العام الجارى مع الربع الرابع 2023 يتكشف تراجعا مؤثرا بنحو 5% فى مبيعات الشركة التايوانية المزود الرئيسي للرقائق الإلكترونية عالميا و بالاخص لكبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية.
و هو ما انسحب أثره سريعا على أداء السبعة العمالقة ” الفابت ، أمازون. ، أبل ، ميتا بلاتفورم ، مايكروسوفت ، إنفيديا ، و تسلا ” الذين تتفوق قيمتهم السوقية التريليونية على قيمة الأسهم الصينية كلها و ضعف الأسهم اليابانية مجتمعة و أربعة أضعاف الأسهم البريطانية كلها ، لتزلزل تلك الأوزان الأثقل عالميا فى التكنولوجيا الأمريكية وول ستريت خاسرة نحو 400 مليار دولار من القيمة السوقية ” منها 200 مليار دولار من نصيب شركة إنفيديا الزبون المهم لشركة TSMC التايوانية ” خلال تداولات الجمعة 19 إبريل الجارى ، و ذلك قبل أيام من موسم صدرو نتائج أعمال هؤلاء العمالقة.
تواريخ هامة … فى 23 إبريل الجارى تصدر نتائج اعمال ” تسلا – قيمة سوقية 514 مليار دولار بربحية متوقعة 0.53 $ للسهم ” ، فى 24 إبريل ” ميتا – قيمة سوقية 1.28 تريليون دولار بربحية متوقعة 4.29 دولار للسهم “
أما فى 25 إبريل تصدر نتائج كلا من ” مايكروسوفت – قيمة سوقية 3.07 تريليون دولار بربحية متوقعة 2.83 دولار للسهم ” و ” الفابت جوجل – قيمة سوقية 1.93 تريليون دولار بربحية متوقعة 1.51 دولار للسهم ” و ” أمازون – قيمة سوقية 1.91 تريليون دولار بربحية متوقعة 0.83 دولار للسهم “
و فى 30 ابريل و 1 مايو اجتماع البنك الفيدرالى الأمريكي ، يلية نتائج فى 2 مايو نتائج اعمال شركة أبل – قيمة سوقية 2.67 تريليون دولار بربحية متوقعة 1.51 دولار للسهم ، و أخيراً فى 22 مايو ” إنفيديا – قيمة سوقية 2.12 تريليون دولار بربحية متوقعة 5.53 دولار للسهم “
ختاما … يبدو أن وقود مواصلة الصعود يتبخر ، و مخاطر الديون و التضخم و الفوائد آخذة فى الارتفاع ، و ثورة رقائق الذكاء الاصطناعي تواجه قوى مضاداة … و لسان حال أغلب المعطيات يحذر من مفاجآت قد تؤلم الأسواق و تحول اتجاهها للتجارة فى الخسارة بعد فقاعات أكثرها مدعوما بأساسيات مشوه فى ظل استمرار أزمات دولية مفتوحة على المجهول .