إذا أردت معرفة ما هي الاتجاهات التي تشكل أو تؤثر على جانب معين من عملك، فلا تعتمد على رأي شخص واحد فقط مهما كانت درجة ثقافته ومعرفته، بل يجب عليك معرفة آراء الموظفين المسئولين عن تطوير شركتك، الذين يعايشون التغييرات ويلاحظونها يومًا بيوم.
هذا ما قمنا به فيما يتعلق بتحليل مجال الموارد البشرية والتغيرات التي شهدها، من خلال استشارة خمسة من رواد هذا المجال، وفي هذا التقرير سأقوم بمشاركة هذه الرؤى والتحليلات.
في عالم ما بعد جائحة كورونا، نحن بحاجة إلى فهم الكيفية التي يمكن تحفيز الأفراد بها بهدف تشجيعهم على المشاركة من جديد في ظل التغييرات التي شهدها العالم بأكمله خلال العامين الماضيين.
لاحظنا في البداية أن أبرز ما يميز عام ٢٠٢٢ بالنسبة لمجال الموارد البشرية، كان حزم المميزات والمكافآت المخصصة والتي تمنح للموظفين بهدف منحهم المرونة العمل، ومنح أصحاب الأعمال فهم أفضل للقوى العاملة معهم، واحتياجاتهم المختلفة، وبالتالي لن تستمر فكرة حزم المميزات الثابتة والموحدة في مصر بعد جائحة كورونا.
عليك كصاحب عمل أن تتقبل أن هناك اختلافات بين الناس، نتيجة لذلك، تحتاج إلى فهم الاحتياجات المختلفة لكل مجموعة من الموظفين، ثم تخصيص الميزة المناسبة لكل مجموعة، وهذا يعني التفريق بين تطوير إطار العمل الثابت والرئيسي للمكافآت وبين المرونة في إحداث تغيرات بداخله لتتلاءم مع مختلف الإدارات والأقسام.
هناك إحتياجات مشتركة في جميع الوظائف والإدارات ولكن هناك أيضًا العديد من التعقيدات؛ لذا من المهم كذلك وضع الاختلافات بين الأجيال في الحسبان، إذ سيبحث البعض عن المرونة والقدرة على السفر والعمل بحرية واكتساب قيمة من التوازن بين الحياة والعمل (حيث أصبح الاهتمام بخلق التوازن بين الحياة والعمل أمر هام وضروري في العصر الحالي)، فيرى البعض أن العمل وسيلة لرعاية حياتهم الخاصة وبالتالي يركزون على رفع مستوى النتائج، وليس الوقت المستغرق لإنجاز شيء ما.
كما يجب على أصحاب العمل تبني سياسات مرنة تجاه مزايا الموارد البشرية بين الرجال والنساء، لأن لديهم غالبًا دوافع مختلفة تأتي من مسؤولياتهم وطموحاتهم، حيث تساعد المرونة بالنسبة للسيدات بشكل عام، في حصولهم على الوقت اللازم لرعاية أسرهن، الأمر الذي يساهم في زيادة الإنتاجية.
يختلف معنى المرونة بين الأشخاص المختلفين، فهو مفهوم لا يقتصر فقط على عدد ساعات العمل، بل يمتد ليشمل تطوير مجموعة من المزايا المختلفة المخصصة التي يمكن للموظفين الاختيار بينها.
يؤدي عدم اتباع سياسات مرنة فيما يتعلق بالتعامل مع الموظفين، يزيد من عدم ارتياحهم وبالتالي يزيد من رغبتهم في الانتقال إلى عمل جديد، في حين أن إتباع سياسات أكثر مرونة يساهم في دعمهم وزيادة شعورهم بالولاء.
ربما كان التغيير الأكبر هو التطور السريع جدًا فيما يتعلق بالعمل من المنزل، حيث رأى البعض أن هذه الطريقة في العمل عن بعد تعزز من التزامهم تجاه أعمالهم، وعلى الرغم من ذلك، لا يتناسب العمل عن بعد مع جميع الأدوار أو الأشخاص، إذ تحتاج بعض الإدارات إلى التفاعل الواقعي فيما بينها.
كما تعد فكرة إعادة توزيع المرتبات والمكاسب، نتيجة للجائحة وما أثارته من تبعات نتج عنها انخفاض في الأجور وزيادة في التفكك المالي، أولوية بالنسبة للكثير من الموظفين.
تتطلب طرق العمل الجديدة التي تزايد وجودها بعد جائحة كورونا، اتباع أساليب جديدة لإدارتها، لذا يجب على المديرين التنفيذيين التكيف أيضًا، الأمر الذي سيؤثر على مزاياهم الخاصة أيضًا، وفي النهاية يجب النظر إلى التوازن والمرونة في سياسات الموارد البشرية التي أثبتت أنها أهم نهج يمكن اتباعه في مجال الموارد البشرية لعام ٢٠٢٢.