تُظهر السجلات الحكومية التي جرى الحصول عليها بموجب قانون حرية المعلومات الأميركي أن الولايات الأميركية والشرطة المحلية تشتري الآلاف من الطائرات من دون طيار صينية الصنع من شركتي DJI وAUTEL، وتطير بها في جميع أنحاء الساحل الشرقي، ما أغضب سيناتور فلوريدا ماركو روبيو الذي لا يجد عذرًا لذلك.
حذّر المشرعون في واشنطن العاصمة من احتمال أن تحوّل بكين الطائرات من دون طيار المصنعة في الصين إلى آلات مراقبة جوية عن بعد، ما يهدد الأمن القومي وخصوصية الأميركيين، ومع ذلك تواصل الشرطة والولايات الأميركية شراء طائرات من دون طيار من الشركات الصينية.
كشف قانون حرية المعلومات وبيانات الشرطة التي لم يجرِ الإبلاغ عنها سابقًا أن الوكالات الحكومية سجلت الآلاف من الآلات الطائرة الصينية من شركتي Autel وDJI.
وتُعدّ DJI أكبر شركة مصنعة للطائرات من دون طيار في العالم تبلغ قيمتها 16 مليار دولار.
يشمل هذا الاتجاه حتى شرطة الكابيتول في الولايات المتحدة: سجلات الطائرات من دون طيار التابعة لحكومة الولاية في إدارة الطيران الفيدرالية تظهر أن شرطة الكابيتول في الولايات المتحدة لديها 4 نماذج مصنعة من قبل Autel Robotics الصينية.
وهذه هي الطائرات الوحيدة المستخدمة حاليًا من قبل شرطة الكابيتول، وفقًا للمتحدث تيم باربر، الذي قال إنه جرى الحصول عليها العام الماضي مقابل ألفي دولار للطائرة الواحدة، ولكن لم تُنشر بعد في واشنطن العاصمة، وكانت تستخدم للتدريب مع عدم إتاحة الوصول إلى شبكة الوزارة.
وكُشفت عمليات الشراء بفضل طلبات معلومات قدّمها المحامي المشرف في جمعية المساعدة القانونية The Legal Aid Society، جيروم غريكو، بموجب قانون حرية المعلومات الأميركي.
اختيار شرطة الكابيتول شركة Autel الصينية لمشترياتها الوحيدة من الطائرات من دون طيار بدلًا من شراء الطائرات الأميركية يدل على اتجاه أوسع، إذت تمتع Autel وDJI بحصة سوقية بنسبة 70% من سوق الوكالات الحكومية المحلية في جميع أنحاء فلوريدا ونيوجيرسي ونيويورك وواشنطن العاصمة، وإدارات الشرطة الرئيسية في ميريلاند وفيرجينيا.
لكن الولايات قد تضطر قريبًا إلى التخلي عن المصنعين وطائراتهم من دون طيار، إذا اتبع مشرعون آخرون خطى رون دي سانتيس في فلوريدا وحظروا الطائرات من دون طيار الصينية الصنع بسبب مخاوف استخباراتية، أو أقر الكونغرس تشريعًا مقترحًا لمواجهة التهديد الواضح للتجسس الأجنبي.
وتجلت مخاوف مجتمع الاستخبارات الأميركي من التجسس الصيني في محاولات مختلفة للحد من جهود أكبر شركات التكنولوجيا في بكين في جمع البيانات، وأبرز مثال على ذلك التهديدات الأخيرة بحظر منصة التواصل الاجتماعي تيك توك المملوكة لشركة بايت دانس في بكين.
ومنع البيت الأبيض شركات هواوي وZTE، وهي من بين أكبر الأسماء، من دخول الأسواق الأميركية.
إدراج DJI في القائمة السوداء
بدون تقديم أي دليل على التهديد المحدد، وفي مواجهة الانتقادات بعدم وجوده، أثار المشرعون ومسؤولو الدفاع منذ مدة طويلة مخاوف بشأن احتمال أن تضغط بكين على الشركات المصنعة الصينية مثل Autel وDJI لبدء إرسال صور وبيانات إلى الحزب الشيوعي.
نتيجة لتلك المخاوف، في عام 2020، أدرجت وزارة التجارة DJI في القائمة السوداء، ما منع الشركات الأميركية من التصدير إلى DJI.
في عام 2021، قيّم البنتاغون أن تقنيات DJI تُشكل “تهديدات محتملة للأمن القومي”. ومع ذلك، سمح البنتاغون لنفسه بإعفاء خاص لشراء طائرات صينية من دون طيار إذا كانت لأغراض التدريب أو لأغراض استخباراتية فريدة من نوعها.
طرح قانون للطائرات من دون طيار
طرح السناتور مارك وارنر والسناتور ريك سكوت قانون الطائرات من دون طيار للأمن الأميركي عام 2023.
وبدعم من السناتورين ميت رومني وماركو روبيو، يحظر مشروع القانون على الوكالات الفيدرالية شراء طائرات من دون طيار من دول جرى تحديدها على أنها تُهدد الأمن القومي، من ضمنها الصين.
عندما عُرضت المعلومات عن الاستخدام الواسع النطاق للطائرات من دون طيار الصينية قال سيناتور فلوريدا روبيو في بيان لمجلة فوربس “بالنظر إلى كل ما نعرفه عن الحزب الشيوعي الصيني، ببساطة لا يوجد أي عذر لاستخدام هذه الطائرات، خصوصًا في عاصمة بلادنا. إن استخدام هذه الطائرات من قبل شرطة الكابيتول وغيرها من وكالات إنفاذ القانون في جميع أنحاء البلاد يرسل إشارة خاطئة. يشير إلى أن الطائرات من دون طيار آمنة للاستخدام، ولكنها ليست كذلك. يجب أن نتوقع أن كل صورة ومقطع فيديو ومجموعة بيانات يمكن الوصول إليها من قبل بكين. على الكونغرس أن يتصرف. لا يمكننا الاستمرار في مساعدة خصمنا على التجسس علينا”.
الشركات الصينية تدافع عن منتجاتها
وقالت مديرة السياسة والاتصالات في DJI، كارول كابلان، إن منتجات DJI آمنة، مضيفة أن المشغلين يتمتعون بالسيطرة الكاملة على البيانات التي تجمعها الأجهزة، ويمكنهم اختيار ما إذا كانوا يريدون تحميل المعلومات على الخادم أم لا.
وأضافت كابلان: “الجهود الحالية لتقييد استخدام طائراتنا من دون طيار من قبل الوكالات الحكومية لا تستند إلى أي شيء أكثر من التخمين والافتراض، ولا تحقق شيئًا سوى إعاقة المستخدمين الأوائل الذين يستحقون أفضل المعدات المتاحة لهم بغض النظر عن بلد المنشأ. أي شيء أقل من ذلك هو ضرر للرجال والنساء الذين يضعون حياتهم على المحك لخدمتنا جميعًا كل يوم”.
وقالت المتحدثة باسم Autel، كوكو لي، إن الشركة ليس لديها تعليق على المخاوف الاستخباراتية، ومع ذلك، نشر موقع Autel مؤخرًا على الويب حول عمله مع الشرطة في نبراسكا، أن خلاصات كاميرا الطائرات من دون طيار الخاصة بالشركة “تُبث على ترددات مشفرة، ويجري تخزين بيانات الرحلة داخليًا على كل طائرة من دون طيار، وأن خوادمها موجودة في الولايات المتحدة”.
طائرات من دون طيار صينية تجتاح الساحل الشرقي
تُعتبر DJI إلى حد بعيد اللاعب المهيمن في توفير الطائرات من دون طيار لإدارات الشرطة الأميركية والولايات الأميركية، على الرغم من أن منافستها المحلية الأقل شهرة Autel تكتسب بعض الزخم.
أظهرت أجوبة الطلبات التي قدّمها غريكو للحكومة الفيدرالية بموجب قانون حرية المعلومات الأميركي أنه في نيو جيرسي، من بين أكثر من 550 طائرة من دون طيار مسجلة من قبل الحكومة وإدارات الشرطة في الولاية حتى شهر أبريل/نيسان 2023، كان هناك أكثر من 440 طائرة من صنع DJI و65 من صنع Autel.
في فلوريدا، كان هناك أكثر من 3 آلاف تسجيل حكومي لطائرات من دون طيار. أكثر من 1500 كانت من DJI ونحو 300 كانت من AUTEL.
وأظهر طلب سابق قدّمه الاتحاد الأميركي للحريات المدنية في ولاية نيويورك أن الشركات الصينية تغلبت على المنافسة هناك أيضًا، إذ إن 461 لـ DJI و29 لـ Autel من إجمالي 530 في جميع أنحاء الولايات الثلاث، يمثل صانع الدرون 68% من التسجيلات.
سألت فوربس بشكل منفصل الوكالات الموجودة بالقرب من واشنطن العاصمة عن الطائرات من دون طيار التي تستخدمها، ووجدت أن شرطة ولاية ماريلاند لديها أسطول مكوّن من 28 آلة صينية من أجهزة DJI وAUTEL. وكان قسم شرطة فريدريكسبيرغ، على بعد أقل من 50 ميلًا جنوب العاصمة، قد استخدم طائرات Autel سابقًا، على الرغم من أنه يستخدم الآن فقط طائرات DJI.
على الرغم من تحذيرات البنتاغون، فإن إداراته الخاصة لا يمكنها التوقف تمامًا عن شراء منتجات DJI أيضًا، وجدت مراجعة فوربس لسجلات العقود الفيدرالية أنه منذ أبريل/نيسان من العام الماضي، اشترت البحرية الأميركية والقوات الجوية أجهزة من صنع الشركة الصينية، ولم ترد وكالات وزارة الدفاع على طلبات للتعليق.
هيمنة الصين على سوق الشرطة الأميركية
يقول ضابط سابق في هنتنغتون بيتش يدرب الآن عناصر الشرطة من جميع أنحاء الولايات المتحدة على قيادة الطائرات من دون طيار، تيم مارتن، أن هيمنة DJI بين رجال الشرطة الأميركيين ترجع إلى الدخول المبكر إلى السوق والتكلفة المنخفضة والموثوقية العالية.
وقال مارتن إنه في حين أن الحكومة الاتحادية حاولت الترويج للعلامات التجارية الأميركية والأوروبية مثل Skydio مقرها كاليفورنيا، وParrot الفرنسية، فإنها لا تزال باهظة التكلفة لدى معظم إدارات الشرطة التي ليس لديها الميزانيات نفسها مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي أو إدارة مكافحة المخدرات.
وأضاف: “يمكنك الحصول على طائرتي DJI من دون طيار بسعر الطائرات الأخرى”. هذا هو السبب في أن 95% من الطائرات من دون طيار التي تتدرب عليها الشرطة هي من صنع DJI، كما قال مارتن.
في حين أن DJI لا تزال تهيمن على السوق، فإن Autel لديها بعض المزايا على منافستها، لا سيما حول واشنطن العاصمة. لدى جميع طائرات DJI من دون طيار حاليًا “سياج جغرافي”، أي أنه يجري إسقاطها تلقائيًا بمجرد دخولها المناطق الحساسة داخل العاصمة، ولا تحتوي تقنية Autel على هذه القيود.
كما أنها لم تتعرض للضرر نفسه الذي لحق بسمعة DJI بعد إدراجها في القائمة السوداء للتجارة وتحذير وزارة الدفاع.
ادعت شركة Autel عام 2020 التي تدرك مشكلة سمعة منافستها، أنها تنقل تصنيع بعض المكونات إلى الولايات المتحدة، وأن طائرة Evo II يجري تصنيعها في الولايات المتحدة الأميركية “بأجزاء وعمالة أجنبية ومحلية”.
ولكن هذا قد يكون أكثر من مجرد حيلة تسويقية، قال الرئيس التنفيذي السابق لشركة Autel في أميركا، راندال وارناس، لفوربس إنه بدلًا من تجميع الجهاز في الولايات المتحدة، سيجري إرسال طائرة من دون طيار كاملة تقريبًا من الصين، وسيجري تثبيت كاميرا أميركية الصنع ببعض البراغي البسيطة.
وأضاف وارناس: “لم تُصنّع قط في الولايات المتحدة. كان الأمر فقط أنهم كانوا يحاولون إيجاد طريقة لفصل أنفسهم عن DJI والحصول على حصة في السوق”.
قالت المتحدثة باسم Autel إن “عمالة كبيرة مقرها الولايات المتحدة في مجال البحث والتطوير، والتجميع، والتكاليف المادية بين مكاتبنا في وادي السيليكون وسياتل” دخلت في نسخة 2020 من نموذج Evo II. ومع ذلك، جرى إيقاف النموذج المستهدف للولايات المتحدة عام 2021 وتغييره بنموذج EVO II DUAL 640T الذي تأتي أجزاؤه من الصين ولم تُصنع في أميركا.
تلك المحاولة المخفقة لجذب جمهور الولايات المتحدة لم تلقَ صدى لدى الحكومة الفيدرالية. واعترفت المتحدثة بأن الحظر المفروض من قبل ولاية فلوريدا وقانون الطائرات من دون طيار كان لهما بالفعل “تأثير سلبي في المبيعات”.
ومع ذلك، تحاول شركة Autel الدخول في برنامج Blue SUAS، وهي مبادرة من البنتاغون لإنشاء قائمة بالأنظمة الجوية الصغيرة الموثوقة والمعتمدة للاستخدام الحكومي، وهذا من شأنه أن يساعد الشركة على الحصول على بعض الدفع في السوق الاتحادية وإعطائها ميزة السمعة الحسنة مقارنة بمنافستها DJI.
وقال إن الحظر بدا غير منطقي عندما أنفقت الشرطة الملايين على طائرات من دون طيار كانت تسجل إلى حد كبير لقطات للأحداث اليومية، مثل تجار المخدرات الهاربين والأفراد المفقودين. يقول: “إذا تمكن الصينيون من الوصول إلى هذا، والسؤال فعلًا إذا تمكنوا، فمن يهتم؟”.
وأضاف وارناس، الذي قضى ثلاثة أشهر فقط مع Autel قبل مغادرته بسبب خلافات مع القيادة الصينية حول الأساليب الإدارية، إن الولايات المتحدة لا يجب أن تتسرع في إصدار تشريع يحظر استخدام DJI وAutel “حتى نتمكن من إيجاد بديل تصنيع منخفض التكلفة والحصول على سلسلة توريد للمكونات يجري تصنيعها خارج الصين”.
بالنظر إلى رجال الشرطة، في هذه الأثناء، يتفوق الاقتصاد على السياسة.
يقول المدرب مارتن: “إنهم يريدون فقط شيئًا موثوقًا به وآمنًا، وهم أقل قلقًا بشأن نقل البيانات. لكنهم حذرون أيضًا بشأن ما يطيرون فوقه. إنهم لا يحلقون فوق البنية التحتية الحيوية لأن ذلك مصدر قلق”.
القلق بشأن الخصوصية
تصرف المناقشات حول أصل الطائرات من دون طيار الانتباه عما يعتقده الخبير القانوني في الخصوصية والتكنولوجيا، غريكو، أنه التأثير الأكبر لاستخدام الطائرات من دون طيار في نطاق واسع: غزو خصوصية الأميركيين.
العديد من الأجهزة التي تستخدمها الشرطة اليوم تأتي مع الذكاء الصناعي وميزات الطيران الذاتي، مع القدرة على متابعة المشتبه بهم من دون تدخل بشري، على سبيل المثال، تأتي طائرات Autel من دون طيار التي يجري اختبارها من قبل شرطة الكابيتول مع “خوارزمية ذكية لضوء القمر” لالتقاط فيديوهات عالية الجودة في الظلام، ويمكنها تتبع الأهداف تلقائيًا.
وقال غريكو: “لدينا وكالات على جميع مستويات الحكومة في جميع أنحاء البلاد تشتري الآلاف من الطائرات من دون طيار مع القليل إلى عدم وجود أي قيود لغرض استخدامها. المراقبة الجوية هي أداة أخرى يتزايد استخدامها وتهمل الهيئات التشريعية معالجتها بشكل صحيح”.