كشف تقرير جديد صادر عن “بي سي دبليو”، الوكالة العالمية الرائدة لاستشارات التواصل الاستراتيجي والعلاقات العامة، تفوّق السعودية والإمارات ومصر وتركيا على 26 دولة أخرى حول العالم من حيث توافق سياساتها وبرامجها مع القيم الشخصية لشعوبها.
استندت الوكالة في تقريرها “عصر القيم 2023” إلى استطلاع هو الأكبر من نوعه، حيث شارك فيه ما يزيد على 36 ألف شخص في 30 دولة من أجيال وفئات دخل مختلفة. ورصد التقرير الفجوة المتصورة بين قيم الحكومات ومواطنيها.
وبحسب الدراسة، وافق حوالي نصف المشاركين من الدول الشرق أوسطية الأربع (44٪) على أن سياسات حكوماتهم تتوافق مع قيمهم الشخصية مقارنةً مع ربع المشاركين فقط على مستوى العالم.
وفقاً للاستطلاع، تبدو فجوة القيم أكثر وضوحاً في دول جنوب أوروبا (14٪) وشمال أوروبا (15٪) والدول الناطقة باللغة الإنجليزية مثل أستراليا وكندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة (17٪). وتضيق هذه الفجوة في دول الجنوب وجنوب شرق آسيا، حيث يقول 39٪ من المشاركين فيها أن حكوماتهم تتشارك معهم القيم ذاتها.
وأشارت الدراسة إلى أن فجوة القيم بين الحكومة والمواطنين بلغت أضيق حدودها في المملكة العربية السعودية، حيث وافق حوالي 55٪ من المشمولين بالدراسة في المملكة على أن قيمهم الشخصية تتماشى مع سياسات حكومتهم.
وكشفت دراسة بي سي دبليو أيضاً أن ما يزيد على ثمانية من كل 10 أشخاص على مستوى العالم يقولون إن لديهم فهماً واضحاً للقيم والمبادئ الشخصية التي تحدد سلوكياتهم.
وبحسب التقرير، فإن القيم الشخصية الثلاث الأولى على مستوى العالم هي الإحسان (يدفعنا إلى تعزيز رفاه الأشخاص الذين نتواصل معهم بشكل متكرر)، والشمولية المجتمعية (تدفعنا إلى التفاهم مع جميع أفراد المجتمع وحمايتهم وتقديرهم والتسامح معهم)، والأمن (يدفعنا إلى تعزيز الأمن والاستقرار الشخصي والمجتمعي).
ويُظهر التقرير أيضاً أن فجوة القيم بين الحكومات والمواطنين تتغير بتغير الأجيال ومستويات الدخل.
ويعتقد ما يزيد على ثلث المشاركين من “الجيل زد” في دول الشرق الأوسط المشمولة بالدراسة – مقارنةً مع الربع (25٪) فقط في باقي دول العالم – أن قيمهم تتماشى مع سياسات وبرامج حكوماتهم.
كما يعتقد حوالي ثلث المشاركين عالمياً من أصحاب الدخل المرتفع أن قيمهم تتماشى مع قيم حكوماتهم، مقارنةً بالخمس فقط من أصحاب الدخل المنخفض.
وبهذه المناسبة، قالت ريبيكا جرانت، المدير التنفيذي العالمي للعلامة التجارية في “بي سي دبليو”: “تُشكّل القيم في عصرنا الحالي جزءاً من الحوار السياسي والاجتماعي والثقافي. وفي عالم يغلب عليه التغيير وانعدام اليقين، نعتبر قيمنا بمثابة ’حقائق راسخة‘. وثمة تداعيات واسعة النطاق لتلك الفجوة بين قيم المواطنين وتصوراتهم حيال قيم حكوماتهم، وهذه التداعيات لا تطال الحكومات فحسب وإنما تشمل المجتمع أيضاً”.
من جانبه، قال سونيل جون، رئيس شركة “بي سي دبليو الشرق الأوسط” ومؤسس “أصداء بي سي دبليو”، الوكالة الرائدة لاستشارات الاتصالات التسويقية في المنطقة: “تؤكد النتائج التي كشفت عنها الدراسة في دول الشرق الأوسط تركيز الحكومات الوطنية في المنطقة على القضايا التي تهم مواطنيهم. وتتوافق هذه النتائج مع الرؤى المتكررة في استطلاعنا السنوي لرأي الشباب العربي، والتي تشير إلى أن معظم الشبان والشابات العرب، وخاصة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، يؤمنون بأن صوتهم مهم لقيادات بلدانهم”.
وكشف تقرير “بي سي دبليو” أيضاً أن المشاركين على مستوى العالم لديهم توقعات عالية حيال قيام الشركات والعلامات التجارية بمراعاة قيمهم. وقال ما يزيد على80% من المشمولين بالدراسة في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومصر وتركيا إن الشركات يجب أن تتحرك الآن لمكافحة التغير المناخي.
وبدلاً من الاعتماد فقط على الشرائح السكانية التقليدية لفهم تطلعات الناس، يقترح التقرير تقسيم سكان العالم إلى سبعة نماذج قيم أساسية تتقاطع مع التوزع الجغرافي والأجيال، وترتكز على مزيج القيم الأساسية الأهم بالنسبة لهم.
الباحث عن النجاح تشدّه الرغبة لامتلاك القوة وتحقيق الإنجازات الشخصية؛ بينما يبحث المغامر عن التحفيز والتجارب الجديدة؛ ويعمل الجار الصالح لما فيه خير الأصدقاء والعائلة والمجتمع؛ ويريد الملتزم التأقلم مع محيطه وتفادي المواجهة؛ أما صاحب الرؤية، فيقدّر الحرية الشخصية والإبداع؛ ويعطي المدافع الأولوية لحماية الناس والكوكب؛ بينما يركز الإنسان التقليدي على السلامة والاستقرار والانسجام.
وأضافت جرانت: “يبدو واضحاً أن هناك فرصة كبيرة أمام الشركات والعلامات التجارية والمؤسسات والحكومات لبناء روابط دائمة وحفز السلوك الإيجابي من خلال التوافق مع قيم جمهورهم. ولأن القيم تتبلور في مرحلة المراهقة وتصبح راسخة بمرور الوقت، لذا يغدو هذا التوافق أكثر أهمية خلال الاضطرابات والتغيرات الثقافية”.