ارتفعت أسعار الذهب والفضة ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأسبوع المنتهي في 3 أكتوبر، مدفوعة بتصاعد المخاوف من إغلاق الحكومة الأميركية وتزايد التوقعات بخفض مستويات الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، فيما واصلت معادن مجموعة البلاتين مكاسبها بدعم من الطلب القوي وتحديات العرض المستمرة.
الذهب والفضة
تألق المعدنان النفيسان هذا الأسبوع، إذ ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.7% ليصل إلى 3,885.9 دولارًا للأونصة يوم الجمعة، بعدما سجل ذروة قياسية عند 3,896.4 دولارًا في تداولات الخميس، محققًا مكاسب أسبوعية تجاوزت 3%، في سابع صعود أسبوعي متتالٍ. وجاء هذا الارتفاع في ظل حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي الناجمة عن الإغلاق الحكومي الأميركي، مع رهان متزايد من الأسواق على دورة جديدة من تيسير السياسة النقدية.
أغلقت عقود الذهب الأمريكية الآجلة تسليم ديسمبر مرتفعة بأكثر من 1.1% عند 3,912.10 دولارًا للأونصة، فيما تسعّر الأسواق احتمالًا بنسبة 96.2% لخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر، واحتمالًا آخر بنسبة 86.3% لخفض جديد في ديسمبر، وفقًا لأداة CME FedWatch.
وفي واشنطن، كان مجلس الشيوخ يستعد لإعادة النظر في مقترحات ديمقراطية وجمهورية متنافسة لإنهاء أزمة الإغلاق الحكومي، الذي دخل يومه الرابع، رغم أن فرص التوصل إلى اتفاق بدت محدودة. وقد أدى الجمود السياسي إلى تأجيل نشر بيانات اقتصادية أساسية مثل تقرير الوظائف غير الزراعية، ما دفع المستثمرين إلى الاعتماد على مؤشرات بديلة لقياس ضعف سوق العمل، وهو ما عزز الرهانات على خفض قريب لأسعار الفائدة.
وفي خضم هذه التطورات، برزت ضغوط أخرى مع محاولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إقالة ليزا كوك، عضوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ما أثار المخاوف من تذبذب استقلالية البنك المركزي من خلال تدخل سياسي صريح. وأسهمت هذه التوترات في رفع جاذبية الذهب كملاذ آمن، بعدما صعد منذ بداية العام بأكثر من 41.5% بدعم من تراجع الفائدة.
توقع بنك UBS أن يقترب الذهب من مستوى 4200 دولار للأونصة في المستقبل القريب، مدفوعًا بضعف الدولار وانخفاض مستويات الفائدة الحقيقية، فيما تبنى بنك HSBC رؤية مماثلة، مشيرًا إلى أن الأسعار قد تتجاوز حاجز 4 آلاف دولار قريبًا، مع استمرار التوترات الجيوسياسية والمخاطر المالية وتزايد القلق بشأن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي. ورجّح المصرف أن يمتد الزخم حتى عام 2026 بدعم من مشتريات البنوك المركزية وتنويع المؤسسات المالية لأصولها بعيدًا عن الدولار.
أما الفضة، فارتفعت عقودها الآجلة بنسبة 2.9% لتصل إلى 47.97 دولارًا للأونصة مقارنة بالأسبوع الماضي، لترفع مكاسبها السنوية إلى نحو 56.9%. ولا يزال تنوعها بين دورها الصناعي ومكانتها كملاذ آمن يجذب المستثمرين في ظل التحولات الاقتصادية العالمية.
البلاتين
ارتفعت العقود الآجلة للبلاتين بنسبة 3.9% لتصل إلى 1644.8 دولارًا للأونصة مقارنةً بالأسبوع الماضي، بينما تراجع البلاديوم بنسبة 2.2% إلى 1282 دولارًا للأونصة. ويظل الطلب القوي من قطاع السيارات، خاصة على المحولات الحفازة في المركبات التقليدية والهجينة، محركًا رئيسيًا للأسعار، في وقت يتسارع فيه التحول نحو المركبات الكهربائية، مما يعزز الاعتماد النسبي على معادن البلاتين.
ويشير المحللون إلى أن ارتفاع تكاليف إعادة التدوير يحد من الإمدادات الثانوية، غير أن الأسعار المرتفعة قد تحفّز توسع الإنتاج في مناطق رئيسية مثل جنوب إفريقيا، التي تُعد من أكبر منتجي المعدن عالميًا.
النحاس
أما النحاس، فاختتم أسبوعًا قويًا بصعود نسبته 7.7% ليصل إلى 5.085 دولار للرطل في بورصة لندن للمعادن، مدفوعًا بمشكلات في الإمدادات واضطرابات في الإنتاج أثارت مخاوف بشأن توازن السوق.
توقعات السوق
وتُظهر البيانات أن تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة على المعادن النفيسة تتزايد بثبات، ومن المتوقع أن تتجاوز 2.5 مليار دولار في الربع الأخير من عام 2025، وسط ثقة متنامية في سياسات التيسير الكمي. كما حافظت عقود الذهب الآجلة في بورصة كومكس على نشاط قوي مدفوع بالتطورات السياسية والاقتصادية الأخيرة.
ويرى محللو السوق أن حل أزمة الإغلاق الحكومي وتأخر البيانات الاقتصادية واستمرار الجدل حول استقلال الاحتياطي الفيدرالي ستبقى عوامل حاسمة في تحديد اتجاه الأسعار. ويتوقع بنك HSBC أن تؤدي تخفيضات الفائدة المحدودة إلى تهدئة وتيرة صعود الذهب، إلا أن استمرار مشتريات البنوك المركزية المدفوعة بتنوع الأصول والمخاطر الجيوسياسية سيُبقي الطلب قويًا حتى عام 2026. وبينما يواصل الذهب والفضة ترسيخ مكاسبهما، تظل معادن البلاتين معلّقة بين الطلب الصناعي وتحديات العرض العالمي.