توقع البنك الدولي أن تواصل اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي نموها في عام 2023 على رغم تداعيات رفع الفائدة الأميركية، إذ ترتبط العملات الخليجية بالدولار الأميركي، باستثناء الكويت التي تعتمد على سلة من العملات بعدما أكد أنه وعلى رغم تراجع أسعار النفط، إلا أن هذا النمو سيكون أبطأ، إذ توقع البنك أن تسجل دول مجلس التعاون الخليجي نمواً بنسبة 3.2 في المئة في عام 2023 و3.1 في المئة في عام 2024 بعد نمو محقق بنحو 7.3 في المئة في عام 2022.
وحول توقعاته للمنطقة ككل، قدر البنك الدولي أن تنمو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 3.0 في المئة في عام 2023 وبنسبة 3.1 في المئة في عام 2024، أي أقل بكثير من معدل النمو البالغ 5.8 في المئة في عام 2022.
وأشار البنك في تقرير حديث تزامناً مع اجتماعات الربيع في واشنطن بعنوان “أقدار متغيرة”، إلى الآثار على المدى البعيد لارتفاع الأسعار، وتابع أنه “على رغم ضعف الطلب على النفط، إلا أنه من المتوقع أن تستمر الزيادة المرتفعة نسبياً في نمو الاقتصادات الخليجية يدعمها زيادة القدرة على إنتاج الهيدروكربون، ولا سيما بمساعدة تطوير حقول الغاز الطبيعي الجديدة في المنطقة”.
كما توقع التقرير أن تشهد البلدان النامية المصدرة للنفط اتجاهات مماثلة لتلك الموجودة في دول مجلس التعاون الخليجي ولكن بمستويات أقل بحلول عام 2023، إذ إنه من المتوقع أن ينخفض النمو إلى 2.2 في المئة بعد النمو عند 3.9 في المئة في عام 2022، في حين يتصدر العراق المجموعة بتوقعات النمو لعام 2023 عند 2.8 في المئة انخفاضاً من 7.9 في المئة في عام 2022، مدعوماً بشكل جزئي بالنمو في إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، وكذلك بمساعدة التوسع المخطط له في الموازنة في عام 2023.
ورجح البنك أن يظل معدل النمو في إيران منخفضاً بسبب العقوبات الاقتصادية المكثفة، خصوصاً مع انخفاض أسعار النفط، متوقعاً أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لإيران بنسبة 2.0 في المئة في عام 2023، وهو ما يعد تباطؤاً عن النمو بنسبة 2.7 بالمئة في عام 2022، التي كانت مقيدة بسبب نقص المياه والكهرباء في البلاد إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي.
إلى ذلك توقع البنك الدولي أن يرتفع معدل نمو البلدان النامية المصدرة للنفط بشكل طفيف في عام 2023 إلى 2.4 في المئة، إلى جانب نمو البلدان النامية المصدرة للنفط بنسبة 2.2 في المئة في عام 2023، مما يعد تباطؤاً عن نموها البالغ 3.9 في المئة في عام 2022، كما ستنمو البلدان النامية المستوردة للنفط بنحو 3.6 في المئة في عام 2023 و3.7 في المئة في عام 2024، على رغم أن هذا يرجع إلى حد كبير إلى النمو المرتفع نسبياً المتوقع في مصر.
وأضاف أنه “إذا وضعنا مصر جانباً للحظة، فمن المتوقع أن تنمو البلدان النامية المستوردة للنفط بنسبة 2.8 و3.1 في المئة في عام 2023”.
ويرى البنك الدولي أن التغييرات في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد هو مقياس أكثر دقة للتغيرات في مستويات المعيشة، فبعد انتعاش بنسبة 4.4 في المئة في عام 2022، من المتوقع أن يتباطأ النمو في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 1.6 في المئة، و1.7 في المئة في 2023 و 2024 على التوالي.
وتوقع التقرير أن يتباطأ نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي من 5.5 في المئة في عام 2022 إلى 1.8 في المئة في عام 2023، واثنين في المئة في عام 2024.
أما بالنسبة إلى البلدان النامية المصدرة للنفط فقال البنك إن “المعدلات المقابلة هي 0.8 في المئة في 2023 و1.0 في المئة في عام 2024″، وبالنسبة إلى البلدان النامية المستوردة للنفط، توقع البنك أن ينمو نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي 2.1 في المئة في عام 2023 و2.2 في المئة في عام 2024.
وقال البنك الدولي في تقريره إن “الاقتصاد العالمي أظهر نمواً بطيئاً وتضخماً مرتفعاً في عام 2022، كما شهدت الأسعار ارتفاعاً بسبب العرض والطلب وعدد من العوامل بما في ذلك اضطرابات سوق الغذاء والطاقة التي أعقبت الحرب الروسية – الأوكرانية”، مشيراً إلى أن
“عديداً من الأسواق الناشئة شددت سياساتها النقدية العام الماضي، لتحقيق الاستقرار في الأسعار عن طريق كبح الطلب والنمو. كما تأثرت بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا النامية بارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة، مما أدى إلى تراجع قيمة عملاتها، وهو ما تسبب في مزيد من التسارع في الأسعار المحلية”.
وتابع أن “الاقتصادات المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شهدت ارتفاع النمو في عام 2022 مدعوماً بارتفاع أسعار النفط على رغم زيادة أسعار الفائدة”.
وبحسب تقرير البنك الدولي وصل معدل تضخم أسعار الغذاء إلى رقم مزدوج في معظم اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ذات الدخل المتوسط والمنخفض في عام 2022، وبالنسبة إلى معظم اقتصادات المنطقة يعد تضخم أسعار المواد الغذائية أعلى بكثير من التضخم الكلي.
وحذر البنك الدولي من التضخم في أسعار الغذاء، إذ يلعب دوراً رئيساً في زيادة انعدام الأمن الغذائي، فعبر جميع المجموعات الفرعية الأربع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن البلدان النامية المستوردة للنفط، والبلدان النامية المصدرة للنفط، ودول مجلس التعاون الخليجي، ودول الصراع يتراوح معدل التضخم بين 24 في المئة إلى 33 في المئة في عام 2023.
وأشار البنك إلى أن “ارتفاع عدد السكان الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب التضخم بنسبة 66 في المئة بين فترة تفشي الوباء وعام 2023″، مضيفاً أنه “نظراً إلى أن المنطقة حديثة نسبياً مقارنة بالمناطق الأخرى، باستثناء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وفي ظل افتراضات متحفظة فإن حوالى ثمانية ملايين طفل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعانون نقص الغذاء”.
ويرى البنك الدولي أن التحدي المتمثل في انعدام الأمن الغذائي هائل، وبحسب التقديرات الواردة في هذا التقرير فإن المتوقع أن تبلغ احتياجات تمويل التنمية لمن يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مليارات الدولارات سنوياً.
وأشار التقرير إلى أن تداعيات مكافحة التضخم قد أدت إلى زيادة نقاط الضعف في الاقتصاد العالمي، كما أن الزيادة في أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية التي تسعى إلى كبح التضخم تؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي، وفي الوقت نفسه من المرجح أن يؤدي تشديد الأوضاع المالية إلى زيادة ضائقة الديون في اقتصادات الأسواق الناشئة.