يترقب المصريون بعد عطلة عيد الفطر المُبارك عدداً من التطورات في ملفات اقتصادية “ساخنة”، بما يشمل تحركات الجنيه أمام الدولار الأميركي، وفي ظل حالة اللغط الدائرة حول اتجاهات العملة المصرية على المدى القصير والمتوسط في ضوء المعطيات الراهنة.
كما يترقب المصريون أيضاً مستجدات برنامج الطروحات الحكومية، فيما يخص طرح شركات حكومية جديدة، بعد أن أعلن صندوق مصر السيادي في وقت سابق عن جاهزية عدد من الشركات للطرح بعد رمضان، في إطار خطة الدولة لتوفير مصادر النقد الأجنبي.
وكان الرئيس التنفيذي للصندوق، أيمن سليمان، قد ذكر في تصريحات إعلامية له أخيراً أن:
هناك شركات جاهزة للطرح العام ضمن برنامج الطروحات الحكومية، وبدأت عملية الترويج لها أخيراً.
من المحطات الرئيسية التي يترقبها المصريون أيضاً بعد عيد الفطر، اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، وقراراتها فيما يخص أسعار الفائدة، بعد أن أقرت رفعها بـ 200 نقطة أساس في اجتماعه الأخير بنهاية شهر مارس الماضي.
ومن المقرر -طبقاً للجدول الزمني للبنك المركزي المصري- أن تنعقد اللجنة يوم 18 مايو المقبل، وسط ترقب لمدى تأثير التطورات الأخيرة، لا سيما فيما يخص اتجاهات الفيدرالي الأميركي- على السياسات المتبعة من قبل اللجنة ووتيرة رفع أسعار الفائدة.
سياسات المركزي المصري
من جانبها، تشير نائب رئيس بنك مصر سابقاً الخبيرة المصرفية، سهر الدماطي، في تصريحات لـ “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن “البنك المركزي المصري متعقل جداً ويدرس خطواته بشكل جيد”، مستبعدة إمكانية اللجوء إلى “تعويم” جديد لسعر العملة، بالنظر إلى الانعكاسات السلبية لمثل تلك التحركات على معدلات التضخم وإجراءات كبح جماحه في الفترة الأخيرة.
وتشير إلى أن “تحريك العملة أو التعويم يعني الدخول في دائرة مفرغة من الصعوبة بمكان الخروج منها”، لكنها تشير في الوقت نفسه إلى مشكلة “عدم الوفرة” الأمر الذي تنتعش معه السوق السوداء على الجانب الآخر.
وتقول الدماطي إن الخروج من تلك الدائرة ولحل أزمة الوفرة يتطلب ذلك حلولاً بديلة وغير تقليدية من أجل توفير النقد الأجنبي. ومن بين تلك الحلول التي تعمل عليها الدولة حالياً برنامج الطروحات الحكومية (التي توسعت قائمتها من 32 شركة وبنكاً في 18 قطاعاً، إلى 40 شركة وبنكاً للطرح في البورصة أو على مستثمرين استراتيجيين).
وفيما يخص الاجتماع المرتقب للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري بعد أن تم رفع الفائدة بنسبة 10 بالمئة منذ العام 2022 وحتى الآن، تُرجح أن تتخذ اللجنة قراراً بتثبيت سعر الفائدة.
كما لا تتوقع الخبيرة المصرفية إصدار شهادات ادخارية جديدة بعوائد أعلى، وفي ضوء توافر شهادات مرتفعة بالبنوك من 19 بالمئة إلى 22 بالمئة، وبالنظر إلى أنه بعد سحب السيولة من السوق من خلال الشهادات الأخيرة (شهادات الـ 25 بالمئة) لم تُحل مشكلة التضخم وفي ظل أزمة وفرة النقد الأجنبي.
وفي 30 مارس الماضي، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة الرئيسية 200 نقطة أساس. وحدد سعر فائدة الإقراض لليلة واحدة عند 19.25 بالمئة وفائدة الإيداع لليلة واحدة عند 18.25 بالمئة. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 18.75 بالمئة.
وقال المركزي المصري، في بيان، إن “التطورات الأخيرة للتضخم أظهرت ارتفاعاً واسع النطاق في بنود الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين، وهو ما يتطلب المزيد من التقييد النقدي، ليس فقط لاحتواء الضغوط التضخمية من جانب الطلب، ولكن أيضاً لتجنب الآثار الثانوية التي قد تنتج عن صدمات العرض، وذلك للسيطرة على التوقعات التضخمية للأسعار”.
يتضمن برنامج الطروحات 40 شركة وبنكاً لطرحهم على المستثمرين الاستراتيجيين أو في البورصة، وفي سياق خطة الدولة المصرية لتوفير مصادر للنقد الأجنبي في إطار اتفاقها مع صندوق النقد الدولي ووثيقة سياسة ملكية الدولة.
وبحسب خبيرة أسواق المال، فإن “أي تحريك قوي لسعر العملة يؤثر بدوره على الاستقرار، ويرفع من حدة المشكلات التي يواجهها المواطن ولا تغطيها قرارات رفع الأجور وبرامج الحماية الاجتماعية”.
أما فيما يتعلق بالاجتماع المرتقب للجنة السياسة النقدية في مايو المقبل، فأشارت إلى أن التقديرات تذهب إلى استمرار رفع أسعار الفائدة لكن بوتيرة أقل، وذلك في حدود نسبة 1 بالمئة فقط، موضحة أن “استخدام الأدوات المالية لكبح جماح التضخم بهذا الشكل له انعكاسات أخرى تراعيها اللجنة في قراراتها، من بينها ما يتعلق بعجز الموازنة على سبيل المثال”. فيما لا تتوقع في الوقت نفسه أن يتم إصدار شهادات ادخارية جديدة بنسبة 30 بالمئة كما يعتقد البعض.
أظهرت بيانات البنك المركزي، تراجع معدل التضخم الأساسي، الذي يستبعد الوقود وبعض المواد الغذائية المتقلبة، إلى 39.5 بالمئة في شهر مارس، بعد أن قفز إلى مستوى قياسي عند 40.26 بالمئة في فبراير.
وفقاً لمتوسط تقديرات المحللين، كان من المتوقع أن يصل التضخم الأساسي إلى 42.25 بالمئة في مارس.
أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع التضخم في المدن إلى 32.7 بالمئة في مارس على أساس سنوي، وهو ما يقل قليلا عن أعلى معدل قياسي مسجل حتى الآن.