لفتت موافقة الحكومة المصرية على إصدار مؤسسة التمويل الدولية سندات بالجنيه في الأسواق الخارجية، وسط ضعف العملة المحلية، انتباه بنوك استثمار عالمية، اعتبر بعضها أن الإصدار المزمع خطوة جيدة كونه يعزز المعنويات تجاه الاستثمار في مصر، في حين اعتبر آخرون أن تأثيره سيكون محدوداً، حسبما نقلت بلومبرج الشرق.
كان مجلس الوزراء المصري وافق في منتصف أغسطس الماضي على إصدار مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، التابعة لمجموعة البنك الدولي، سندات بالعملة المحلية، وعزا ذلك إلى أن إصدار سندات بالعملة المحلية من قبل المؤسسة، سيعمل على زيادة المحفظة الاستثمارية للمؤسسة في مصر، وإتاحة مصادر إضافية بالعملة الأجنبية، لتمويل احتياجات القطاع الخاص.
قال هاني جنينة، كبير الاقتصاديين ومحللي استراتيجيات الاستثمار في “كايرو كابيتال”، إن لجوء مؤسسة التمويل الدولية إلى طرح سندات بالجنيه المصري، ليس أمراً جديداً، إذ إن المؤسسة أصدرت أكثر من نوع من السندات بعملات محلية في البلدان التي تعمل بها، لمنع حدوث اختلال في المشروعات التي تمولها محلياً، وكي لا تتعرض لمخاطر سعر الصرف.
أوضح أن المؤسسة تطرح السندات بالجنيه، لكنها تحصل على الدولارات من المستثمرين، وتضعه لدى البنك المركزي المصري لتحصل مقابله على العملة المحلية، مع وجود اتفاقية تحوط للحصول على الدولار فيما بعد بالسعر الآجل لسداده للمستثمرين، مع عائد خالٍ من المخاطر بين 5% و6%.
كريستيان فيتوسكا، رئيس قسم أبحاث الأسواق المحلية في منطقة وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في “دويتشه بنك” وأنتوني وونغ، استراتيجي الائتمان بالعملة الصعبة في المصرف، قالا إنه يمكن النظر إلى مؤسسة التمويل الدولية على أنها تفتح الأبواب أمام الأسواق، وتعزز المعنويات تجاه الاستثمارات في مصر. أضافا: “عادة ما تأتي المؤسسة كشريك ذي مصداقية، حيث تتطلع إلى المساعدة عندما يكون هناك نقص حاد في الدولار، وقامت المؤسسة بعمليات مماثلة من قبل في بلدان أخرى من الأسواق الناشئة”.
تواجه مصر تحديات اقتصادية كبيرة، تتمثل في تضخم مرتفع وصل إلى 36.5% على أساس سنوي في يوليو، فضلاً عن شح في العملة الأجنبية، وضغوط على الجنيه المصري بعد تخفيض قيمته ثلاث مرات منذ مارس 2022، لتصل نسبة تراجعه إلى 50% مقابل الدولار الأميركي منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية في مارس من العام الماضي وحتى اليوم، حيث أدت الحرب إلى ارتفاع تكلفة واردات مصر التي تعتمد في الكثير من السلع الغذائية على ما تستورده من الخارج.
قالت مؤسسة التمويل الدولية في تعقيب لـ”اقتصاد الشرق” إن الحكومة المصرية ستصدر بياناً صحفياً رسمياً قريباً أكثر شمولاً حول هذا الموضوع، دون أن تخوض في مزيد من التفاصيل أو تحديد الوقت المزمع للإصدار أو حجمه.
بهدف توفير سيولة دولارية، عملت مصر مؤخراً على بيع بعض أصولها إلى مستثمرين، ونجحت في جمع ما يصل إلى 1.9 مليار دولار، وتأمل في جمع مليار دولار أخرى من بيع أصول إضافية خلال الفترة المقبلة.
ويرى فيتوسكا وونغ أن إصدار سندات بالجنيه من قبل المؤسسة سيعمل على توسيع قاعدة المستثمرين، وربما المساعدة في تخفيف بعض نقص الدولار في مصر، و”لذا نتوقع تحسن السيولة في الأسواق المحلية وزيادة الطلب على الاستثمار، ولكن لا نتوقع أن يكون مبلغ الإصدار كبيراً، ولن يزيد على 250 إلى 500 مليون دولار خلال الأشهر الستة المقبلة، ولذلك نرى أن الإيجابيات تفوق السلبيات مع توقع تحسن في المعنويات تجاه الأصول المصرية”.
اعتبرت كارلا سليم، الخبيرة الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “ستاندرد تشارترد “، أن السندات المزمع طرحها بالجنيه المصري من مؤسسة التمويل ستساعد في نهاية المطاف في المحافظة على استقرار احتياطيات العملات الأجنبية لدى البنك المركزي المصري.
أضافت: “ما زلنا نتوقع خفضاً رابعاً، وربما نهائياً، لقيمة الجنيه المصري، لكن ليس قبل تحسن توافر العملات الأجنبية”.
يُذكر أن صافي الاحتياطيات الأجنبية لمصر زاد بشكل طفيف في يوليو إلى 34.88 مليار دولار من 34.81 مليار دولار في يونيو 2023.
توقع محمد عبد المجيد، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى “بي إن بي باريبا”، أن يكون إصدار المؤسسة من السندات بالجنيه المصري صغيراً، مشيراً إلى أنه لن يلعب دوراً مهماً في بناء الاحتياطيات اللازمة من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي لإدارة التحول إلى سعر صرف مرن”.
كما استبعد عبدالمجيد أن يكون للإصدار تأثير ملحوظ على سعر الصرف، ولا على توقيت خفض قيمة العملة مرة جديدة.