وصفت كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، استنزاف دعم الجنيه لاحتياطيات مصر من العملات الأجنبية بأنه “أشبه بسكب الماء في وعاء مثقوب”، معتبرةً أن مسألة سعر صرف العملة المصرية ليست اقتصادية فحسب، وإنما “متصلة بالاقتصاد السياسي” أيضاً.
كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اعتبر في تصريح، الأسبوع الماضي، أن سعر الصرف في بلاده أصبح “أمناً قومياً”، ولا يمكن للحكومة الاقتراب منه إذا كان سيؤثر على حياة المصريين.
غورغييفا صرحت بمقابلة مع اقتصاد الشرق، أجرتها الإعلامية نور عماشة في العاصمة المغربية الرباط، أن صندوق النقد “يخوض نقاشات جيدة جداً مع السلطات المصرية التي تتخذ الخطوات المناسبة، حيث اتفقت مؤخراً مع “مؤسسة التمويل الدولية” (IFC)، التابعة للبنك الدولي، للاستفادة من خبرتها لتسريع عملية خصخصة الشركات المملوكة للدولة”. منوّهةً بأنه “ثمّة خطوات كثيرة صائبة أقدمت مصر على اتخاذها”.
بموازاة ذلك، ترى مديرة الصندوق أن الحكومة المصرية “بحاجة لتقييم البيئة العالمية المتغيرة، وتحديد الطريقة التي تتيح لها تعزيز تنافسية اقتصادها، وتحديداً في ثلاثة مجالات. أولاً، لا بد من انسحاب الدولة من الأنشطة التي ليس القطاع العام أفضل من يضطلع بها، بما يعزز ازدهار القطاع الخاص، وهذا أمر أساسي جداً”.
أما ثاني الخطوات، بنظر غورغييفا، فتتعلق ببذل المزيد من الجهود لتخصيص الدعم للفئات الأكثر هشاشة، وتقليص أنماط الدعم الذي يستفيد منه الأغنياء، مثنيةً على “عمل مصر الجبار حتى الآن في هذا المجال.. إلّا أنه مطلوب المزيد”.
ثالثاً؛ “هناك حاجة للتفكير بطرق تتيح تعزيز احتياطيات مصر من العملات الأجنبية”، وفقاً لمديرة صندوق النقد، التي أشارت إلى أنها تتحدث مع السلطات المصرية بهذا الشأن “وأنا متأكدة أننا سنحرز تقدماً بينما نقترب من المراجعة الأولى لبرنامج الصندوق مع البلاد.. والتي نتطلّع قُدُماً لإتمامها في سبتمبر” كما هو مخطط.
في ديسمبر الماضي، وافق صندوق النقد الدولي على برنامج مدته 46 شهراً لدعم مصر بقيمة 3 مليارات دولار. وكان يُفترض أن تتم المراجعة الأولى للبرنامج، التي ستُصرف على أساسها الشريحة الثانية من القرض، منتصف مارس الماضي، وهو ما لم يحدث حتى الآن، نظراً لتباطؤ الحكومة بتنفيذ برنامج طروحات الشركات الحكومية، وعدم اتسام سعر صرف الجنيه بالمرونة اللازمة.
ردّاً على سؤال حول موقف الرئيس المصري مؤخراً بانتقاده شرط تعويم الجنيه، أجابت غورغييفا: “عند وجود عدّة أسعار صرف، يحصل بعض الناس على امتيازات بينما يُحرَم آخرون منها. كما أن دعم العملة دون وجود ما يكفي من الاحتياطيات من العملات الأجنبية يؤدي إلى استنزاف هذه الاحتياطيات ويفاقم الأزمة.. فكيف على مصر التعامل مع ذلك؟ المسألة ليست اقتصادية فحسب، لكنها متصلة بالاقتصاد السياسي أيضاً. من المهم اتخاذ الإجراءات الضرورية للحيلولة دون استنزاف الاحتياطيات من العملات الأجنبية، لأنه وبخلاف ذلك، يصبح الأمر أشبه بسكب الماء في وعاء مثقوب”.