رفع بنك اليابان معدل الفائدة إلى أعلى مستوى له منذ 30 عامًا، في خطوة تعكس ثقته المتزايدة بتحسّن أداء الاقتصاد، مع الإشارة إلى أن مزيدًا من الزيادات قد يكون مطروحًا خلال الفترة المقبلة.
تشديد نقدي متواصل
جاء القرار بالإجماع برفع معدل الاقتراض الرئيسي إلى 0.75% من 0.5%، وذلك عقب صدور بيانات رسمية أظهرت استقرار التضخم الأساسي خلال نوفمبر، لكنه لا يزال أعلى بكثير من هدف البنك البالغ 2%.
وتراجع الين قليلًا أمام الدولار بعد الإعلان المتوقع على نطاق واسع، ليصل معدل الفائدة إلى أعلى مستوى له منذ عام 1995.
وقال مسؤولو البنك في تقرير مرفق بالقرار إن الاقتصاد الياباني «تعافى بشكل معتدل»، مشيرين إلى أن حالة عدم اليقين المرتبطة بالاقتصاد الأميركي وسياسات التجارة العالمية تراجعت نسبيًا، رغم استمرارها.
وأضاف البنك أنه سيواصل رفع معدل الفائدة وتعديل درجة التيسير النقدي طالما استمر تحسّن النشاط الاقتصادي والأسعار.
ورغم توقع الأسواق لقرار الرفع، رأى المحلل من «كابيتال إيكونوميكس»، أبهيجيت سوريا، أن لهجة بنك اليابان المتشددة تشير إلى أن دورة التشديد النقدي لم تنتهِ بعد، متوقعًا أن تصل معدلات الفائدة إلى 1.75% بحلول عام 2027.
وفي موازاة ذلك، ارتفعت عوائد السندات الحكومية اليابانية في الأسابيع الأخيرة، وسط مخاوف بشأن انضباط السياسة المالية في ظل حكومة رئيسة الوزراء سانايه تاكاييتشي، فيما واصل الين ضغوطه الهبوطية.
وسجل العائد على السندات الحكومية لأجل عشر سنوات 2.01%، وهو أعلى مستوى له منذ عام 1999.
وأظهرت بيانات التضخم أن مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي – باستثناء الأغذية الطازجة – استقر عند 3% في نوفمبر/ تشرين الثاني، موافقًا التوقعات، لكنه لا يزال أعلى من هدف بنك اليابان.
وتولت تاكاييتشي منصبها رسميًا في أكتوبر/ تشرين الأول، واضعة مكافحة التضخم في صدارة أولوياتها، ونجحت حكومتها هذا الأسبوع في تمرير موازنة إضافية بقيمة 18.3 تريليون ين (نحو 118 مليار دولار) لتمويل حزمة تحفيز واسعة.
ورغم دعمها التقليدي للإنفاق الحكومي والسياسات النقدية الميسّرة، أكدت تاكاييتشي أن قرارات السياسة النقدية يجب أن تبقى بيد بنك اليابان.
وكان البنك قد بدأ رفع معدلات الفائدة من مستويات دون الصفر في مارس/ آذار من العام الماضي، مع مؤشرات على انتهاء «العقود الضائعة» من الركود، قبل أن يوقف التشديد مؤقتًا بفعل مخاوف تتعلق بالاقتصاد العالمي والرسوم الجمركية الأميركية.
وأظهرت البيانات أن أسعار الأرز قفزت 37% على أساس سنوي في نوفمبر، بسبب مشكلات الإمدادات الناتجة عن صيف شديد الحرارة في 2023، إلى جانب موجات شراء بدافع القلق بعد تحذيرات من زلازل كبرى.
تأثير الفائدة على السندات والأسواق
ارتفاع الفائدة يجعل السندات اليابانية أكثر جاذبية مقارنة بالأصول الأخرى، ما يؤدي إلى انخفاض أسعارها مع ارتفاع العوائد، التي تتحرك عكسيًا مع الأسعار. وقد وصلت عوائد سندات الـ30 عامًا إلى مستوى قياسي في أوائل ديسمبر، فيما سجلت عوائد السندات لعشر سنوات الأسبوع الماضي أعلى مستوى لها منذ 19 عامًا.
اقتصاد اليابان والديون
انكمش اقتصاد اليابان بنحو 1.8% خلال الربع الممتد من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/ أيلول، متأثرًا بتراجع الصادرات نتيجة الرسوم الجمركية الأميركية، في أول انكماش تشهده البلاد منذ ستة فصول.
وقال محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، إن تأثير الرسوم الجمركية الأميركية كان أقل من المخاوف السابقة، مشيرًا إلى أن الشركات الأميركية تحمّلت العبء دون تمريره بالكامل إلى المستهلكين.
وفي الوقت نفسه، تمتلك اليابان أعلى نسبة ديون إلى الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ هذه النسبة نحو 232.7% خلال العام الجاري.












