أعلنت شركة كوكاكولا أنها ستدفع 6 مليارات دولار من الضرائب والفوائد المتراكمة، بعد أن أصدر قاضي محكمة الضرائب الأميركية الأسبوع الماضي حكمًا ضدها في قضية تتعلق بأسعار التحويل، لافتة إلى استئنافها للحكم.
تواجه الشركة مخاطر مع مصلحة الضرائب الداخلية أعلى من ذلك، ففي تقريرها الربع سنوي 10-Q الذي قدمته إلى لجنة الأوراق المالية والبورصة في 31 يوليو2024، حذرت الشركة من أنه سيتعين عليها دفع مديونية تقدر بنحو 16 مليار دولار من الضرائب المتأخرة والفوائد، مع احتساب الفائدة حتى نهاية العام الماضي، إذا طبقت مصلحة الضرائب نفس الحجة على سنوات ضريبية أخرى.
كما ألمحت كوكاكولا إلى الخطر الذي قد تشكله مصلحة الضرائب، التي حققت سلسلة من الانتصارات في قضايا تسعير التحويل، مشيرة إلى أنها تقيم مدى تأثير قرارات المحكمة العليا الأخيرة في القضية.
وعلى وجه الخصوص، استشهدت الشركة بقضية لوبر برايت ضد رايموندو، وهي قضية رفعتها المحكمة العليا في 28 يونيو/ حزيران 2024، التي ألغت مبدأ عمره أربعة عقود (موضح في قضية شيفرون يو إس إيه ضد مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية)، الذي يقضي بأن المحاكم يجب أن تراعي التفسيرات المعقولة للهيئات التنظيمية للقوانين الغامضة.
وفي قضية لوبر برايت، قررت المحكمة أنه يتعين على المحاكم “اتخاذ حكم مستقل في تحديد معنى الأحكام القانونية”، الأمر الذي يعزز احتمالات نجاحها عند مواجهة طرف النزاع للوكالات الفيدرالية.
وأدى هذا القرار وغيره من القرارات الأخيرة التي تحد من قدرة الجهات التنظيمية على التحكم في أنشطتها، إلى تكهنات بتعرض بعض القواعد والإرشادات الحالية التي وضعتها مصلحة الضرائب ــ بما في ذلك تلك التي تحكم تسعير التحويل ــ للخطر.
ومن بين الشركات التي تخوض حاليًا معارك قضائية مع مصلحة الضرائب بشأن تسعير التحويل، شركة فيسبوك (ميتا)، وميدترونيك، وأبوت لابز، إذ أصبحت تلك القضايا في السنوات الأخيرة مجالًا مربحًا للحكومة.
ويتمثل محل نزاع كوكاكولا في أن المعاملات المالية يتم تنظيمها عادة بطريقة تهدف إلى تحويل الأرباح من البلدان ذات الضرائب المرتفعة إلى البلدان ذات الضرائب المنخفضة، بهدف خفض فواتير الضرائب. بيد أن الهدف الأكثر انتشارًا لإساءة استخدام أسعار التحويل هو الممتلكات غير الملموسة، بما في ذلك التراخيص اللازمة لتصنيع وتوزيع وبيع وتسويق وترويج المنتجات في الأسواق الخارجية.
ولأن الممتلكات غير الملموسة لا تمتلك مقرًا حقيقيًا، على النقيض من العقارات على سبيل المثال، فمن السهل نقلها إلى بلدان تقدم مزايا معينة، بما في ذلك معاملة ضريبية أكثر ملاءمة.
وغالبًا ما يشار إلى قضايا تسعير التحويل باسم قضايا القسم 482. يمنح القسم 482 من قانون الضرائب – الذي كان موجودًا منذ عشرينيات القرن العشرين – مصلحة الضرائب سلطة واسعة لإجراء تعديلات على الإقرارات وتخصيص الدخل والخصومات والائتمانات للمنظمات أو الكيانات أو الشركات المملوكة أو الخاضعة للسيطرة المشتركة. وفقًا لوزارة الخزانة، تُجرى التعديلات “لمنع التهرب من الضرائب أو لتعكس الدخل بوضوح”.
وفيما يتعلق بقضية كوكاكولا الحالية، تزعم مصلحة الضرائب الأميركية أن الشركة في الفترة من 2007 إلى 2009 لم تبلغ عن الدخل الحقيقي من التراخيص الأجنبية لتصنيع وتوزيع وبيع وتسويق وترويج منتجاتها في الأسواق الخارجية.
وفي عام 2015، أعلنت الشركة أنها قد تدين بمبلغ 3.3 مليار دولار من ضرائب الدخل الفيدرالية الإضافية، مشيرة في ملف قدمته إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات، إلى أن مصلحة الضرائب الأميركية أصدرت إشعارًا بالعجز يطالب بمسؤولية إضافية عن ضريبة الدخل الفيدرالية تبلغ نحو 3.3 مليار دولار فضلًا عن الفائدة.
وفي أكتوبر2015، أحالت مصلحة الضرائب الأمر للتقاضي، ما يعني أنها لن تتفاوض مع شركة كوكاكولا. كان لدى الشركة خيارين إما قبول التقييم ودفع الضريبة بالكامل أو التقاضي. واختارت كوكاكولا الخيار الثاني، إذ قدمت التماسًا في 14 ديسمبر/ كانون الأول 2015، معترضة على الضريبة.
من جانبها، تزعم شركة كوكاكولا أنها كانت تتبع نفس أساليب تسعير التحويل التي وافقت مصلحة الضرائب على استخدامها عام 1996 (لتسوية السنوات الضريبية حتى عام 1987).
وعلاوة على ذلك، نوهت إلى أن مصلحة الضرائب راجعت وأكدت امتثال الشركة للمنهجية المتفق عليها في خمس دورات تدقيق متتالية للسنوات الضريبية من 1996 إلى 2006.
ومع ذلك، رفض إشعار مصلحة الضرائب الصادر في عام 2015 “بأثر رجعي المنهجية المتفق عليها سابقًا للسنوات الضريبية من 2007 إلى 2009 لصالح منهجية مختلفة تمامًا، دون إشعار مسبق للشركة”.
تدعي الشركة أن المنهجية الجديدة أعادت تخصيص أكثر من 9 مليارات دولار من الدخل من المرخصين الأجانب إلى الشركة الأم في الولايات المتحدة للسنوات الضريبية من 2007 إلى 2009.
في حين لم تؤكد مصلحة الضرائب الأميركية على أي عقوبات إلى جانب الضريبة، وهو ما تقول الشركة إنه يتسق مع اتفاقية الإغلاق.
وبعد سنوات من الدعاوى الإجرائية، استمعت محكمة الضرائب في محاكمة استمرت شهرين من مارس إلى مايو 2018 إلى مرافعة الشركة.
وفي 18 نوفمبر2020، حكمت محكمة الضرائب ضد شركة كوكاكولا. تبع ذلك عدة مناورات قضائية، وفي 8 نوفمبر 2023، أصدرت محكمة الضرائب رأيًا تكميليًا ينحاز مرة أخرى إلى مصلحة الضرائب.
امتثل الأمر الأخير المقدم في 2 أغسطس 2024 للآراء السابقة وأكد أن “هناك أوجه قصور في ضريبة الدخل المستحقة على مقدم الالتماس للسنوات الضريبية 2007 و2008 و2009، بمبالغ 930,822,089 دولارًا و865,202,130 دولارًا و932,972,594 دولارًا على التوالي”.
وفي تقريرها الربع سنوي الصادر في 31 يوليو 2024، حذرت شركة كوكاكولا من أن مصلحة الضرائب قد تطبق نفس المنطق على السنوات اللاحقة أيضًا – ما يضيف إلى ذلك 16 مليار دولار من الضرائب المتأخرة والفوائد.
وقالت الشركة في بيان نشرته على موقعها على الإنترنت “إن شركة كوكاكولا تعتقد اعتقادًا راسخًا أن مصلحة الضرائب ومحكمة الضرائب أساءتا تفسير وتطبيق القواعد المعمول بها في هذه القضية، وستدافع بقوة عن موقفها في الاستئناف”.
ولدى الشركة 90 يومًا لتقديم إشعار استئناف إلى محكمة الاستئناف الأميركية للدائرة الحادية عشرة. وتتطلع الشركة إلى فرصة بدء عملية الاستئناف، وكجزء من هذه العملية، ستدفع الالتزامات والفوائد المتفق عليها إلى مصلحة الضرائب”.
استبعدت الشركة في تقريرها أي تأثير ملموس في شؤونها المالية، نظرًا إلى اعتقادها أن الحكم لصالحها في الاستئناف. فضلًا عن أنها مثل العديد من الشركات الكبرى، تمتلك احتياطي للمسائل الضريبية. ففي عام 2020، خصصت الشركة 438 مليون دولار للقضية، ورفعت ذلك مؤخرًا إلى 456 مليون دولار.
وفي العام الماضي، أعلنت شركة كوكاكولا عن مبيعات بلغت 46.1 مليار دولار، ما جعلها تحتل المركز 100 في قائمة فوربس العالمية 2000.
بلغت قيمة سهم الشركة 69.38 دولار بالتداولات المبكرة الجمعة الماضية، فيما سجل 68.10 دولار بختام تعاملات أمس الاثنين، ما يعكس تقبل المستثمرين لخسارة محكمة الضرائب.
المصدر:فوربس