قال مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري، إن الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، تواجه مديونية متراكمة تقدر بـ21 مليار جنيه سواءً للدولة، أو للضرائب، والتأمينات، وغيرها من الجهات الأخرى.
وأوضح مصطفى مدبولي، في تصريحات له اليوم الاثنين، إن الخسائر المتراكمة للشركة و المُحققة في الفترة السابقة وصلت إلى 8 مليارات جنيه.
وأشار إلى أن الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج كان قوامها، قبل عملية إعادة الهيكلة، 31 شركة مختلفة، منتشرة في مصر، وعدد العمالة بها نحو 48 ألفا، منهم 24 ألف عامل في مدينة المحلة الكبرى.
وأكد رئيس الوزراء أن الدولة المصرية قامت بوضع خطة لتطوير الشركات التابعة لقطاع الأعمال، لافتًا إلى أنه على سبيل المثال هناك حاجة إلى تكلفة تقدر بنحو 30 مليار جنيه لتطوير المشروعات تتمثل في 8.5 مليار جنيه للإنشاءات الجديدة، ورفع كفاءة إنشاءات قائمة، وذلك بمختلف أفرع الشركة القابضة على مستوى الجمهورية وليس في مدينة المحلة فقط.
وتابع “هناك حاجة إلى توريد ماكينات جديدة بقيمة 650 مليون يورو، وهو ما يمثل إجماليه التكلفة الاستثمارية للتطوير والاستفادة من الميزات التنافسية للقطن المصريّ العظيم، من خلال تطوير المحالج أيضا عبر مراحل الإنتاج المختلفة؛ بدءا من الغزل والنسيج، والصباغة، وانتهاء بالمنتجات النهائية المتمثلة في الملابس والوبريات، وغيرها”.
وأضاف “الواقع يعكس لنا عدم قدرة القطاع الخاص المصري على القيام بالخطوات الأولى في تطوير هذه الصناعة المهمة، ولا سيما الغزل والحجم الهائل من المنتجات الموجودة.. وكدولة عندما نختار قطاعا لتطويره نقوم باختيار القطاعات التي تخدم الاقتصاد المصري وتساعد القطاع الخاص بعد ذلك على استكمال الخطوات التالية”.
وفي السياق نفسه، أشار مصطفى مدبولي، إلى أن القطاع الخاص يتواجد في قطاعات محددة في هذا الصدد، مثل: الملابس والوبريات، كما يمكن أن يتواجد في صناعة النسيج، لكنه يعتمد بشكل أساسي في ذلك على المنتج الذي يدخل في صناعة الملابس؛ ولذا فالدولة تختار القطاع بناء على رؤية شاملة للاقتصاد.
واستطرد “ونحدد حينئذ ما يمكن تطويره، وما يحتاج إلى تدخل الدولة لوقف نزيف خسائره، مثلما حدث في بعض القطاعات مثل الحديد والصلب، والقومية للأسمنت، لأنه أصبح هناك مقومات كبيرة للغاية وبدائل أخرى من القطاع الخاص والدولة، وهنا نجد الأفضل هو العمل على وقف نزيف الخسائر”.
واستدرك “فيما يتعلق بقطاع مثل الغزل والنسيج فقد قررت الدولة التدخل بقوة، فالتكلفة الإجمالية البالغة 30 مليار جنيه تحتاجها شركة واحدة فقط، فهل القطاع الخاص لديه القدرة على ضخ هذه التكلفة؟ فهو لا يستطيع ذلك، ومن هنا يأتي دور الدولة للتدخل والتطوير، فضلا عن تسوية مديونيات بقيمة 21 مليار جنيه أخرى، أي ما نحتاجه في هذا الصدد 51 مليار جنيه، لا تتحمل الحكومة مسئوليتها، لكنها تتحمل مسئولية رؤية الإصلاح، وأن نقوم بإحداث التغيير المستهدف”.
واستكمل “كان من الممكن اختيار الحل الأسهل، وهو أن نترك كل هذه المشروعات بمشكلاتها وتحدياتها ونتجه إلى البدء في مشروعات جديدة، لكن هذا طبعا غير مُجدٍ، لأننا نتحدث عن صناعة عريقة تميزت بها مدينة المحلة الكبرى، وبالتالي كان علينا اختيار الحل الأصعب وهو تطوير الصناعات القائمة هنا ومواجهة مشكلاتها بكل إصرار”.
وأضاف رئيس الوزراء “أقول هذا لكي ندرك جميعًا مدى تعقيد وصعوبة الحل والطريق الذي اخترناه، والشاهد الأهم هو أننا، كما ترون أمامكم، مستمرون في أعمال التطوير، انظروا إلى هذه الماكينات الجديدة التي يتم تركيبها، وبالتوازي مع هذا نحن في حاجة إلى تطوير وتدريب للعمالة الموجودة وتأهيلها”.
وتطرق رئيس الوزراء إلى ضرورة العمل في هذه المصانع التي يتم تطويرها وفق منظومة إدارة وتشغيل وتسويق مختلفة تمامًا، كما يجب أن يكون للقطاع الخاص دور كبير خلال هذه المرحلة.
وأكد أن الدولة استطاعت تدبير التمويل لهذه المشروعات، وأصبح الآن الدور على القطاع الخاص لكي يتولى مسئولية الإدارة والتشغيل والتسويق وهي جوانب يتميز القطاع الخاص فيها.
وتابع “نضع اليوم حجمًا هائلا من الاستثمارات في هذه المشروعات، ولهذا طلبت من وزير قطاع الأعمال أن نعقد شراكة حقيقية مع القطاع الخاص، ومستعدون لعقد شراكات مع القطاع الخاص في كل مشروعات الدولة ليكون شريكًا أساسيًا في عمليات الإدارة والتشغيل والتسويق، وحتى لو أراد الدخول معنا كشريك في التمويل فمرحبا به أيضًا”.
وأكد أن الدولة تختار بطريقة محترفة نوعية القطاعات التي ستشملها خطة إعادة التأهيل والتطوير، وتضمن هذه الخطة الشراكة مع القطاع الخاص من أجل ضمان واستدامة واستمرارية وتطور العمل في هذه المؤسسات، قائلا “لا نرغب أن نكرر مرة أخرى الأخطاء التي ارتكبت خلال الـ30 أو 40 سنة الماضية، فلابد أن نتعلم من هذه الدروس”.
واختتم رئيس مجلس الوزراء تصريحاته بقوله:” لا نتأخر في توفير عشرات المليارات من التمويل المطلوب لإقامة وإعادة إحياء مثل هذه الشركات”.