بدأ حجاج بيت الله الحرام التوافد، صباح اليوم الاثنين، الثامن من شهر ذي الحجة 1444هـ، إلى مشعر منى، لقضاء يوم التروية؛ تقرباً لله تعالى، راجين منه القبول والمغفرة، متّبعين ومقتدين بسنة نبيهم محمد، صلى الله عليه وسلم، مكثرين من التلبية والتسبيح والتكبير، في مستهلّ رحلة إيمانية في رحاب مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، تستغرق 6 أيام.
وأفادت الشريعة السمحة بأن قدوم الحجاج المقرنين أو المفردين بإحرامهم إلى منى، يوم التروية، والمبيت بها في طريقهم للوقوف بمشعر عرفة، سنة مؤكَّدة.
ويُحرم المتمتعون المتحللون من العمرة من أماكنهم، سواء داخل مكة أو خارجها، حيث يبقى الحجاج بها إلى ما بعد بزوغ شمس التاسع من ذي الحجة، يتوجهون بعدها للوقوف بعرفة (الوقفة الكبرى)، ثم يعودون إليها بعد «النفرة» من عرفة، والمبيت بمزدلفة، لقضاء أيام (10 – 11 – 12 – 13)، ورمي الجمرات الثلاث؛ جمرة العقبة، والجمرة الوسطى، والجمرة الصغرى، إلا مَن تعجّل.
ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بُعد 7 كيلومترات شمال شرقي المسجد الحرام، وهو حد من حدود الحَرم تحيطه الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، ويَحدُّه من جهة مكة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي «محسر».
ويعدّ مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، به رمى نبي الله إبراهيم، عليه السلام، الجمار، وذبح فدي إسماعيل عليه السلام، ثم أكد نبي الهدى، صلى الله عليه وسلم، هذا الفعل في حجة الوداع وحلق، واستنَّ المسلمون بسُنّته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون. ويشتهر المشعر بمعالم تاريخية، منها الشواخص الثلاثة التي تُرمى، وبه مسجد «الخيف»، الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر من غلظ الجبل، وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريباً من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي، صلى الله عليه وسلم، والأنبياء من قبله. وما زال مسجد «الخيف» قائماً حتى الآن، ولأهميته جرت توسعته وعمارته في عام 1407هـ.
وجاء اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بمشعر منى، استشعاراً منها للفترة الزمنية التي يقضيها الحجاج في منى، وإيماناً منها بحجم المتطلبات التي تضمن راحة ضيوف الرحمن، خلال فترة أداء مناسكهم.
ووفّرت القيادة السعودية الخدمات الأمنية والطبية والتموينية ووسائل النقل؛ للتسهيل على قاصدي بيت الله الحرام حجهم وأداء مناسكهم بروحانية وطمأنينة، مؤكدةً للجهات الحكومية والخِدمية أهمية السعي على تنفيذ كل ما من شأنه إنجاح مهامِّها في موسم الحج.